سميرالابراهيم المدير العام
الدولة التي ينتمي اليها العضو : سوريا الدولة التي يقيم فيها العضو : تركيا عدد المساهمات : 2909 تاريخ التسجيل : 17/11/2009
| موضوع: الإسلام هو دين الله تعالى] بقلم الشيخ عبدالرحمن الحميدي الشامي الأربعاء نوفمبر 27, 2019 11:14 am | |
| الإسلام هو دين الله تعالى] بقلم الشيخ عبدالرحمن الحميدي الشامي+ = -
[الإسلام هو دين الله تعالى] الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله الأمين، أما بعد: إن الإسلام ينقسم إلى قسمين: الأول: إسلام كوني قدري: وهو انقياد الكائنات لما يريد الله تعالى منهم؛ فإن الله تعالى خلق الخلق وكلهم مستسلمون له طوعًا وكرهًا، المؤمنون منقادون له طواعية واختيارًا، والكافرون مستسلمون لقضاء الله كرهًا وحنقًا، قال تعالى: (وله أسلم من في السماوات والأرض طوعًا وكرهًا وإليه يرجعون) [آل عمران:83]. الثاني: إسلام شرعي، وهو على نوعين: الأول: إسلام عام: وهو الذي اتفق عليه جميع النبيين، من عبادة الله وحده لا شريك له، والإيمان بكتبه، ورسله، واليوم الآخر، كما قال تعالى: (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحًا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) [البقرة:62]، وبذلك أخبرنا عن الأنبياء المتقدمين وأممهم، قال نوح: (فإن توليتم فما سألتكم من أجر إن أجري إلا على الله وأمرت أن أكون من المسلمين) [يونس:72]، وقال في إبراهيم: (ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين * إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين * ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون) [البقرة:130-132]، وقال موسى: (يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين) [يونس:84]، وقال: (إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا) [المائدة:44]، وقالت بلقيس: (رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين) [النمل:44]، وقال في الحواريين: (أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون) [المائدة:111]، وقد قال مطلقًا: (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائمًا بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم ** إن الدين عند الله الإسلام) [آل عمران:18-19]. انظر: [مجموع الفتاوى 1/71، 7/623، 200- 10/199، 18/160، 189- 35/188]. فالأنبياء جميعهم جاءوا بأصل واحد: وهو دين الإسلام، كما قال تعالى: (إن الدين عند الله الإسلام) [آل عمران:19]. وقوله صلى الله عليه وسلم: (أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة، والأنبياء إخوة لعلات، أمهاتهم شتى، ودينهم واحد) البخاري (3443)، ومسلم (2365). فمن آمن بنبيه في زمانه، والتزم طاعات شرعه، فهو داخل تحت صفة الإسلام. الثاني: إسلام خاص: وهي شريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، والتي جاءت ناسخة لكل الشرائع، فلا يجوز العمل ولا التعبد بغيرها إطلاقًا. قال الإمام ابن حزم -رحمه الله- : (نسخ عز وجل بملته كل ملة، وألزم أهل الأرض جنهم وإنسهم اتباع شريعته التي بعثه بها، ولا يقبل من أحد سواها) [المحلى 1/27]. ولئن كانت الأصول بين الأنبياء واحدة، إلا أن الفروع: وهي الشرائع، يقع فيها النسخ، كما قال تعالى: (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجًا) [المائدة:48]. قال الإمام القرطبي -رحمه الله- : (“لكل جعلنا منكم شرعةً ومنهاجًا” يدل على عدم التعلق بشرائع الأولين) [الجامع لأحكام القرآن 6/211]. وقال الإمام أبو الوليد الباجي -رحمه الله- : (الله تعالى جعل لكل منهم شرعةً ومنهاجًا، وهذا لما يقع في الشرائع والعبادات التي يجوز فيها النسخ والنقل والتبديل. فأما التوحيد وما يتعلق به، فلا خلاف فيه بين شرائع الأنبياء -عليهم السلام- وكلهم فيه على منهاج واحد؛ لأنه لا يجوز أن يقع اختلاف، وبالله التوفيق) [الإشارة في أصول الفقه، ص:42]. وقال الإمام ابن العربي -رحمه الله- : (ولا خلاف أن الله تعالى لم يغاير بين الشرائع في التوحيد والمكارم والمصالح، وإنما خالف بينها في الفروع بحسب ما علمه سبحانه) [أحكام القرآن 4/123]. وقال العلامة بكر أبو زيد -رحمه الله- ملخصًا وموضحًا: (وكلهم -أي:الأنبياء- متفقون على وحدة الملة والدين: في التوحيد، والنبوة والبعث، وما يشمله ذلك من الإيمان الجامع بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، وما في ذلك من وحدة العبادة لله تعالى لا شريك له؛ فالصلاة والزكاة، والصدقات، كلها عبادات لا تصرف إلا لله تعالى. وشرائعهم في العبادات في صورها، ومقاديرها، وأوقاتها، وأنوعها، وكيفيتها، متعددة. حتى جاءت الرسالة الخاتمة، والنبوة الخالدة، فنسخ الله بها جميع الشرائع، فلا يجوز لبشر، كتابي ولا غير كتابي، أن يتعبد الله بشريعة غير شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، ومن تعبد الله بغير هذه الشريعة الخاتمة، فهو كافر، وعمله هباء: {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثورًا} [الفرقان:23]) [الإبطال لنظرية الخلط بين دين الإسلام وغيره من الأديان، ص:83-84]. وعليه؛ فإن الإسلام الخاص الذي بعث الله به محمدًا صلى الله عليه وسلم المتضمن لشريعة القرآن: ليس عليه إلا أمة محمد صلى الله عليه وسلم، والإسلام اليوم عند الإطلاق يتناول هذا، وأما الإسلام العام المتناول لكل شريعة بعث الله بها نبيًا فإنه يتناول إسلام كل أمة متبعة لنبي من الأنبياء. انظر: [مجموع الفتاوى 3/94]. يدل لهذا الكتاب، والسنة، والإجماع. فمن الكتاب: قوله تعالى: (إن الدين عند الله الإسلام) [آل عمران:19]. وقوله تعالى: (ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) [آل عمران:85]. وقوله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا) [المائدة:3]. قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله- : (وقوله تعالى: {إن الدين عند الله الإسلام} إخبار منه تعالى بأنه لا دين عنده يقبله من أحد سوى الإسلام، وهو اتباع الرسل فيما بعثهم الله به في كل حين حتى ختموا بمحمد صلى الله عليه وسلم الذي سد جميع الطرق إليه إلا من جهة محمد صلى الله عليه وسلم، فمن لقي الله بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم بدين على غير شريعته فليس بمتقبل، كما قال تعالى: {ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يقبل منه} [آل عمران:85]، وقال في هذه الآية مخبرًا بانحصار الدين المتقبل عنده في الإسلام: {إن الدين عند الله الإسلام}) [تفسير القرآن العظيم 21 – 2/20]. ومن السنة: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار) مسلم (153). وعن أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من سمع بي من أمتي، أو يهودي، أو نصراني؛ فلم يؤمن بي لم يدخل الجنة) [مسند أحمد 32/305]. وقد بوب الإمام النووي -رحمه الله- على حديث مسلم بقوله: (باب: وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى جميع الناس، ونسخ الملل بملته) [شرح صحيح مسلم 2/186]. وقال -رحمه الله تعالى- : (وإنما ذكر اليهودي والنصراني تنبيهًا على من سواهما؛ وذلك لأن اليهود النصارى لهم كتاب، فإذا كان هذا شأنهم مع أن لهم كتابًا؛ فغيرهم ممن لا كتاب له أولى، والله أعلم) [المرجع السابق 2/188]. وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الإيمان به من الإيمان بالله تعالى، فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- في حديث وفد عبد القيس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم: (أتدرون ما الإيمان بالله وحده) قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: (شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وأن تعطوا من المغنم الخمس..) البخاري (53)، ومسلم (17). وبيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن شهادة أن محمدًا رسول الله شرط لعصمة الدم والمال، فعن ابن عمر -رضي الله عنهما- ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله) البخاري (25)، ومسلم (22). وأما الإجماع: فقد أجمع المسلمون على كفر من لم يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم، ومن ارتاب في كفر من لم يؤمن به، كما أجمعوا على كفر من سوّغ اتباع شريعة غير شريعة محمد صلى الله عليه وسلم. قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- : (ولا خلاف بين المسلمين أن من لم يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم بعد بلوغ رسالته إليه أنه كافر مخلد في النار، ومن ارتاب في ذلك فهو كافر يجب قتله، كما استتاب عمر وعلي -رضي الله عنهما- طائفة جهلت حرمة الخمر فظنت أنها تباح للصالحين دون غيرهم، واتفق الصحابة على أن هؤلاء إن أصروا قتلوا) [المستدرك على مجموع الفتاوى 1/87]. وقال -رحمه الله- : (ومعلوم بالاضطرار من دين المسلمين، وباتفاق جميع المسلمين، أن من سوغ اتباع غير دين الإسلام أو اتباع شريعة غير شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر، وهو ككفر من آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض الكتاب) [مجموع الفتاوى 28/527]. وقال -رحمه الله- أيضًا: (من لم يقر بأن بعد مبعث محمد صلى الله عليه وسلم لن يكون مسلم إلا من آمن به واتبعه باطنًا وظاهرًا؛ فليس بمسلم، ومن لم يحرم التدين بعد مبعثه صلى الله عليه وسلم بدين اليهود والنصارى، بل من لم يكفرهم ويبغضهم؛ فليس بمسلم باتفاق المسلمين) [المرجع السابق 27/464]. وكتبه/ عبد الرحمن الحميدي الشامي |
|