موضوع: مقدّمات فقهيّة : بقلم الشيخ أحمد المغلاج الثلاثاء نوفمبر 12, 2019 8:04 pm
مقدّمات فقهيّة : بقلم الشيخ أحمد المغلاج
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله... أيها القارئ الكريم ... أضع بين يديك في هذا المقال(مقدمات عن الفقه الإسلامي) ضرورية لكل مسلم يريد معرفة ما أحلّ وما حرّم الله له.. ومن باب أولى معرفتها لطالب العلم الذي من المتوقع أن يسأله الناس عن حكم فقهي فلا يُعذر بجهله لتلك المقدمات المبسّطة ... وقسمتها على شكل مباحث لتكون مرتبة مفهومة.... المبحث الأول : (تعريفات هامة) الفقه لغة: الفهم والإدراك في أي مجال من مجالات الحياة فقه يفقه فهو فقيه، كأن نقول دكتور فقيه : أي في ماهر في عمله والفقه في الاصطلاح: هو علم معرفة الأحكام الشرعية المستنبطة من أدلتها التفصيلية. دليل تعلّم الفقه من القرآن : ( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ) سورة التوبة، الآية(122) دليل الفقه من السنة : ما يروى عن أبي ذر حيث قال: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ : ( يَا أَبَا ذَرٍّ ! لأَنْ تَغْدُوَ فَتَعَلَّمَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللهِ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ مِائَةَ رَكْعَةٍ ، وَلأَنْ تَغْدُوَ فَتَعَلَّمَ بَابًا مِنَ الْعِلْمِ - عُمِلَ بِهِ أَوْ لَمْ يُعْمَلْ - خَيْرٌ مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ أَلْفَ رَكْعَةٍ ) ودعاء النبي لابن عباس ( اللهم فقهه في الدين علمه التأويل ) . المبحث الثاني : ( مصادر التشريع الإسلامي ) مصادر التشريع عديدة ومنها ما هو معتمد ومنها ما هو غير متفق عليه ، ولكن المتفق عليه والمعتمد هي : 1 - القرآن الكريم : وهو كلام الله الذي نزل على محمد عن طريق الوحي جبريل . فإذا أردنا معرفة حكم أي شيئ نريده نتوجه أولاً إلى القرآن ونبحث عن الحكم فيه : مثال : قال تعالى ( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً ) أخذنا منها حكم وجوب الصلاة في مواقيتها مثال : قال تعالى ( وأحل الله البيع وحرم الربا ) نفهم من الآية حل البيع وحرمة الربا بكل صوره 2 - السنة النبوية. وهي قول النبي أو فعله أو تقريره أو صفته (الخَلقية أو الخُلقية) أو سيرته ، فإذا لم نجد حكم ما نريد في القرآن ننتقل ثانياً إلى السنة المطهرة مثال: أحكام النوم والطعام والشراب والمشي والدخول والخروج 3 – الإجماع : وهو أن يتفق أغلب علماء الأمة الإسلامية على حكم معين لأمرٍ ما وللإجماع شروط يجب توافرها من أهمها : 1- أن يكونوا علماء معتبرين 2- أن لا يسبق لهذا الأمر دليل من القرآن أو السنة 3- أن يكون الأمر له علاقة بالحلال والحرام وأمو الدين مثال : ( نصيب الجد السدس من التركة - قراءة القرآن من الهاتف – التسعير – بيع الأعضاء ) 4 – القياس . وهو أن نقيس مسألة جديدة طارئة لم يرد عليها دليل لا من قرآن ولا من سنة ولا من إجماع على مسألة قديمة ورد لها دليل ونطابق بينهما ونقارن مقارنة صحيحة ثم نعطي نفس حكم المسألة القديمة للمسألة الجديدة - وللقياس أربعة أركان وهي : 1- الحكم القديم 2- العلة أو السبب المحلل أو المحرِّم 3- المسألة الجديدة 4- الحكم النهائي . مثال : ( المشروبات الكحولية والطاقة التي فيها نسبة كحول - ضرب الوالدين – البيع عن طريق الإنترنت )
المبحث الثالث: ( الأحكام الشرعية الخمسة ) 1 - الواجب : هو ما أمر به الشرع الإسلامي على وجه الإلزام . مثال : الصلاة، وصوم رمضان ، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً ، رضا الوالدين ، القسط في الميزان ، ويسمى الواجب فرضًا وفريضة وحتمًا ولازمًا ، حكمه : يجب على المكلف فعله ويثاب فاعله امتثالاً ويستحق العقوبة تاركه بدون عذر . 2- المندوب : هو ما أمر به الشارع لا على وجه الإلزام والحتم . مثال : قيام الليل وصلاة الرواتب ، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر ، والتصدق على الفقراء ، والمحافظة على الأذكار . ويسمى المندوب مستحبًا وسنة ومسنونًا ونفلاً حكمه : يثاب فاعله امتثالاً ولا يعاقب تاركه . 3- المحرم : أو الممنوع والمحظور : هو ما نهى عنه الشرع الإسلامي على وجه الإلزام بالترك . كالزنا والربا وشرب الخمر وعقوق الوالدين وتبرج النساء والفتنة والتنابز بالألقاب والغيبة والحلف الكاذب . حكمه : يجب على المكلف ترك المحرم و يثاب تاركه امتثالاً ويستحق العقوبة فاعله . 4- المكروه : هو ما نهى عنه الشرع لا على وجه الإلزام بالترك بل من باب الإكراه والتجنب . مثال : اتباع النساء للجنائز و الشرب قائماً والكلام بغير مفيد والمزاح الزائد والنوم على غير السنة والأكل باليسرى . حكمه : المكروه يثاب تاركه امتثالاً ولا يعاقب فاعله . 5 - المباح : أو الحلال والجائز هو : ما لا يتعلق به أمر ولا نهي لذاته ، بل لأمر خارجي قد يصبح حراماً أو واجباً . مثال : تناول الطعام والشراب ، وممارسة البيع والشراء ، والسفر للسياحة وطلب الرزق.
المبحث الرابع: ( أسباب الاختلاف في المذاهب الفقهية ) كثير من الأحكام نسمع فيه أو نقرأ : اختلف الفقهاء أو العلماء فيه مثلاً: فقال أبو حنيفة يجوز ويقول الشافعي لا يجوز ، و ذلك الخلاف يعود للأسباب التالية : 1) معاني المفردات والمصطلحات في اللغة مثلاً: ( لامستم) و ( قرء ) . 2) الاختلاف في صحة الحديث أو ضعفه مثال : حديث ( لمس عائشة لأصبع النبي وهو يصلي) و (حديث زيارة القبور للنساء). 3) الاختلاف في دلالة الحكم إما عام أو خاص وإما ناسخ أو منسوخ ( قصة عكاشة) و (قصة صاحب القرط من تمر). 4) اختلاف البيئة والمعيشة وطبيعة الأرض مثال ( أهل القطب الشمالي و أهل أفريقيا) 5) مرونة الأحكام الفرعية مثل : ( الديون *- المهر – البيع – الكفاءة – التوكيل – تطويل الصلاة ) المبحث الخامس: ( أبواب الفقه الإسلامي سبعة ) أولاً: باب العبادات: ويشتمل على الأحكام المتعلقة بعبادة الله تعالى وطاعته التي يؤديها المسلم ببدنه كالطهارة، والصلاة، والصوم، أو بماله كالزكاة، أو ببدنه وبماله معاً كالحج. ثانياً: باب المعاملات : ويتضمن تصرفات الإنسان المالية ونحوها، ومعاملة الناس بعضهم بعضاًَ في ضوء ما شرعه الله تعالى لهم، من بيع، وإجارة، وشراكة، وتوكيل ومزارعة وإهداء ... أو ما نهاهم عنه من ربا، وغش، واحتكار. وهذا ما يسميه القانونيون اليوم: القانون المدني... ثالثاً: باب الأسرة: ويعبِّر عنه بعضُ الباحثين المعاصرين بالأحوال الشخصية، ويشتمل على أحكام الخِطْبة والزواج، والرضاع، والحضانة، والنفقة، والطلاق، والوصايا والمواريث، ونحو ذلك . رابعاً: باب الجنايات والعقوبات: ويشتمل على الأحكام الشرعية المتعلقة بالجرائم، والعقوبات، سواء كانت قِصاصاً بسبب الاعتداء على الأرواح أو الأبدان، أو حدوداً بسبب السرقة، أو الزنا أو القذف ونحوه، أو تعازير بسبب الشتم، أو الاختلاس، أو التزوير، وقد قُصِد بتلك العقوبات، حفظ الأمن وضبط النظام العام، وحماية المجتمع من أسباب التفكك والانحلال والضياع. ويُطلقون على هذا اليوم: القانون الجزائي، أو الجنائي. خامساً: باب السِيَر والجهاد: ويشتمل على أحكام العلاقات الدولية بين الدولة الإسلامية وبين الدول الأخرى، وذلك في حالتَيْ السِّلم والحرب، وما يتصل بهما من معاهدات، ومواثيق، وتحالفات، وتبادل مصالح ومبعوثين، مما يُعرف اليوم بالقانون الدولي الإنساني. سادساً: باب النظم والأقضية : ويشتمل على أحكام تنظيم القضاء، وطرق الإثبات، وما يتصل بهذا من دعاوى وبيِّنات، ويسمى اليوم: النظام القضائي، وقانون المرافعات. كما يشتمل على نظام الحكم في الإسلام، والعلاقة بين الحاكم والمحكوم، وواجبات كل منهما وحقوقه، ويسمى اليوم: القانون الدستوري. أما ما يتصل بأحكام الولايات والوظائف والإدارات العامة فيسمى: القانـون الإداري. وقد أُفرد لجميع هذا ـ في القديم ـ كتب تحت اسم: " الأحكام السـلطانية ". و " السياسـة الشرعية ". سابعاً: باب الحظر والإباحة: ويشتمل على أحكام محاسن الأقوال والأفعال ومساوئها، وتصرفات العباد في مأكلهم وملبسهم وسلوكهم ، ونحو هذا من الآداب الشرعية .