الخطأ الخامس – استهانة الآباء بتساؤلات الأبناء :
قد يتصور بعض الآباء إن كثرة تساؤلات أبنائهم وهم في سن الطفولة من السمات السلبية المقيتة ، وبالتالي يجب عليهم النهي عن هذه التساؤلات ، وهذا خطأ من أخطاء الآباء على الأبناء ، والصواب أن يقوم الآباء بتشجيع الأبناء على الإكثار من التساؤلات لأنها تكوّن عندهم شيء من المعرفة وتنمي عندهم ملكة النقد .
فالتساؤلات هذه عند الأطفال تكشف في كثير من الأحيان عن جانب الاهتمام عندهم ، فالطفل عندما يتساءل وبصورة مستمرة وملحة عن معرفة بعض الأشياء من حوله ، أو بعض المواقف والظواهر يكون أكثر اهتماماً بها من تلك الأشياء والمواقف والظواهر التي يتساءل عنها تساؤلاً عابراً ، ومن الأمور التي تظهر أهمية تساؤلات الأطفال هي : أن عملية التساؤل نفسها تمثل واحدة من أهم الإستراتيجيات التي تستخدم لتعليم وتربية الأطفال وهذا يكون إما بتوجيه التساؤلات لهم ، وإما بتشجيعهم وتدريبهم على طرح ما لديهم من تساؤلات ومحاولة الإجابة عنها ، حيث يمكن استخدام التساؤلات لتنمية قدرة الأطفال على التفكير . لذلك نرى الكثير من الآباء والأمهات يضيقون ذرعاً بأطفالهم عندما يكثرون من طرح التساؤلات ، بل ينهرونهم ويبخونهم ويأنبونهم على مثل هذه التساؤلات وخاصة منها التساؤلات التي يعجز الآباء والأمهات عن الإجابة عليها ، ومن هنا نجد إجابات الآباء على هذه التساؤلات إجابات سلبية لا تحقق الأهداف المرجوة من تلك التساؤلات لذلك نرى الآباء والأمهات يواجهون هذه التساؤلات بالعنف والقسوة فينهرون الطفل ويعاقبونه ويأمرونه بالكف عن مثل هذه الطروح ، وأمام هذه التساؤلات الكثيرة يجد بعض الآباء أنفسهم مضطرون أن يتخلصوا من إلحاح أطفالهم بالإجابة سواء كانت صادقة ، أو غير صادقة ، تامة أو ناقصة ، مزيفة أو محرفة ، مناسبة أو غير مناسبة لمستوى عقله ، ومن هنا فقد يكتشف الطفل أن هذه الإجابة لا تشبع رغبته وغير كافية لسؤاله فعندها يفقد ثقته بأبويه ، وبالتاي يلجأ إلى الغير كأقرانه وخدمه وأصحابه لأخذ الإجابة على ما يدور في ذهنه ، وقد يعطى إجابات ضارة نفسياً وفكرياً ومعلوماتياً فعندها يداهم الخطر هذا الطفل حيث يؤدي به الأمر إلى تشكيل تصورات خاطئة عن الموضوعات والظواهر التي يتساءل عنها ، وبالتالي يسلك سلوكاً سيئاً وخاطئاً تجاه هذه الموضوعات والأحداث والظواهر ، ولكن الحق يقال أن بعض الآباء لا يستهينون بالتساؤلات ولكن يتجاهلونها لأسباب كثيرة ومبررات تدفعهم إلى سلوك أسلوب التجاهل اتجاه تساؤلات الأطفال وإهمالها ، أو حتى الإجابة عليها إجابة عشوائية وبطريقة غير علمية ومن أهم هذه الأسباب .
1-إقبال الآباء على إجابات الأطفال والعزوف عن تساؤلاتهم : اعتاد المربون والمرشدون من الآباء وغيرهم من هذا المسلك التربوي أن يستمعوا ويفرحوا إذا ما أجاب الأطفال عن التساؤلات التي يطرحونها عليهم أكثر من سعادتهم بالتساؤلات المطروحة من قبل الأطفال عليهم . ومصدر هذا الفرح والسعادة الغامرة هو ظنهم بأن الأطفال اكتسبوا قدراً لازماً من المعارف المعلوماتية وبالتالي هم في غمرة من السعادة على هذا الإنجاز ، ومن هنا يظهر التجاهل تجاه تساؤلات هؤلاء الأطفال ، أو على الأقل الإجابة غير الكافية ، أو غير المناسبة ، ومن غير تأمل أو تدبر هذه التساؤلات ، أو الوقف على أفكارها وعناصرها الأساسية .
2- سذاجة تساؤلات الأطفال وغرابتها : (23) قد يستهين الآباء والأمهات بتساؤلات الأطفال فلا يهتمون ولا يجيبون عنها لغرابة هذه التساؤلات أو تفاهتها ، أو عدم جدتها ، وهم يتناسون أن من حق هؤلاء الأطفال أن يفكروا بطرقهم الخاصة التي تمتاز بالبساطة والوضوح ، وأن هؤلاء الأطفال يطلقون أسئلتهم البسيطة الساذجة عن رغبة صادقة لديهم في معرفة واكتشاف العالم الذي يحيط بهم .
3- تساؤلات الأطفال المحرجة والمعقدة : قد يطرح الأطفال تساؤلات ترتبط بمجريات اجتماعية ودينية وأخلاقية ضمن إطار لا يسمح مناقشتها ، أو تناولها ، وتداولها بين الأطفال كالجانب الجنسي ، والعلاقات الجنسية ، وعلى وجه الخصوص في المجتمعات الإسلامية ، وهنا الإجابة تكون محرجة للآباء ، وبالتالي يتم إهمالها، وقد تتعلق هذه التساؤلات بموضوعات علمية كأن يسأل الطفل عن الكوكب ، أو النجم ، أو غير ذلك من الظواهر العلمية التي يشاهدها في التلفاز ، أو غير ذلك من المصادر المعرفية ، ومن المعلوم أن الإجابة على مثل هذه التساؤلات تحتاج إلى مستوى عالٍ من المعرفة والثقافة العلمية ، وبالتالي تصعب على بعض الآباء الإجابة عليها فيهملها .
4- إهمال تساؤلات الأطفال لتجاوزها قدراتهم العقلية : وهذا سبب من أسباب إهمال الآباء والأمهات تساؤلات الأطفال وعدم الإجابة عليها لأن هذه التساؤلات خارجة عن قدرات الطفل العقلية كأن يسأل من أين أتيت إلى هنا ، لماذا القمر دائري ، وكيف يتكلم المذياع ، وكيف نبتت هذه الشجرة ، غير ذلك من الأسئلة التي تتجاوز قدرته . فهذه الأسئلة فوق قدرة الأطفال العقلية ، وهي في غاية الصعوبة بل لا يستطيع الإجابة عليها ، وبالتالي تُهمل من قبل الآباء والأمهات .
ولكن لا نبرح هذا الموضوع حتى نقول كلمتنا فيه ، وهو أنه مهما كانت التساؤلات الصادرة المطروحة من قبل الأطفال صعبة ومحرجة أو غريبة أو ساذجة أو تافهة يجب عدم إهمالها أو تجاوزها من قبل الآباء ، أو تقابل بالرفض أو التجاهل ، والإجابة عنها بطرق غير علمية وغير مناسبة كل هذا يترتب عليه نتائج سلبية خطرة كإحباط الطفل وتثبيط همته وحماسته ، وإخفاء مقدرته الحقيقة على الحوار ، والمناقشة ، وإغضابه ، وإثارة القلق لديه فضلاً عن زيادة شعوره بالتوتر والخوف والوحدة والهجر ، الأمر الذي ينتهي بالطفل إلى الاستكانة والإحجام عن طرح أي تساؤل خشية تعرضه للوم والتوبيخ ، أو يؤدي به إلى حجب تساؤلاته على الكبار ، والبحث عن مصادر أخرى تجيب له عن هذه التساؤلات مما قد يزوده كما قلنا سابقاً بمعلومات خاطئة تؤدي إلى نتائج ضارة .
وأخيراً نقول : إن كثرة تساؤلات الأطفال وتنوعها دليل على تفوق الطفل وتعطشه للمعرفة ، لذلك من الخطأ الكبير تقديم إجابات غير صادقة ، أوناقصة ، أومحرفة لأسئلة الطفل ، ومهما كانت صعوبة الأسئلة أو غرابتها أو تفاهتها فلا ينبغي معاملتها بالرفض ، أو التجاهل ، ويمكن أن نستنتج مما تقدم بأن تساؤلات الأطفال يمكن أن تؤدي ثلاثة وظائف تكوينية تمثل أهمية كبيرة لنمو هؤلاء الأطفال ، وهذه الوظائف هي :
1- تحقيق التوازن النفسي لدى الأطفال .
2- تدريب الأطفال على ممارسة التفكير الاستنباطي .
3- مساعدة الأطفال في معرفة القيم الخلقية والسلوكية التي تقع داخل الإطار الثقافي والاجتماعي الذي يعيشون فيه ومن الدلائل التي تشير إلى أهمية تساؤلات الأطفال أن هذه التساؤلات في حد ذاتها تمثل دليلاً على الموهبة والتفوق العقلي ، حيث يمكن لأي أم أو أب أن يعرفا موهبة أطفالهما وتفوقهما العقلي من خلال تساؤلاتهم ، وذلك بمقارنة هذه التساؤلات بالتساؤلات التي يطرحها أطفال آخرون في مثل عمرهم فإذا كانت تساؤلات أطفالهما جادة ومتميزة ، ومتعمقة يكون ذلك مؤشراً على موهبة هؤلاء الأطفال وتفوقهم العلمي .

شكرا دكتورنا العزيز نحنا عم نقرأ مواضيعك بتمعن لما فيها من فائدة ونتمنى تمر على مواضيعنا للاستفادة من خبراتك وعلمك

شكرا سيدي على التعاليم التربوية والنفحات النورانية حفظك الله لنا واضم صوتي للاخت قطر الندى

مشكور يا دكتور

شكرا " لك لأنك طرحت موضوع حساس ومثير وفعلا" كما تكلمت هناك الكثير من الأباء من يهمل الأجابة على أسئلة أطفالهم وبالتالي يلجأ الاطفال إلى الإنطواء فكريا" وأحيانا" إجتماعيا" شكرا" لك مرة أخرى

اكبرك على صراحتك شيخ سمير وهذا من سمات اهل العلم انهم يعترفون بالحق على انفسهم ليكونوا بعترافهم هذا دعوةخالصة لغيرهمجزاك الله عنا كل خير .
واما الاخ ضياء الحق اشكره على مروره قائلا له اضاء الله ايامك اما الاخوات ساعدكن ان شاء الله ان امر على ما تقدمن من مساهمت

بوركت جهودك دكتور على هذه الأبحاث العلمية القيمة
فعلاً لا ينبغي لنا نحن الآباء أن نهمش تساؤلات أطفالنا لأن ذلك يسبب لهم عقد نفسية في المستقبل والشيء الأهم أن تكون إجاباتنا قريبة لعقولهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نخاطب الناس على قدر عقولهم
أشكرك على هذا الموضوع مرة ثانية
بانتظار المزيد