إلهي أن أظهرت المحاسن مني فبفضلك ولك المنة على وأن ظهرت المساوي مني فبعد لك ولك الحجة على
قلت ظهور المحاسن على الإنسان في أقواله وأفعلاه وأخلاقه هو من منة الله العظيمة وهداياه الجسيمة لأنه عنوان المحبة والقبول وذلك هو غاية المطلوب والمأول وظهور المساوى على العبد في أقواله وأفعاله هو من عدله تعالى وقهره وإظهار الحجة عليه قال تعالى قل فالله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجميعن فالعبد ليس له مع الحق اختيار ولا قدرة على نفع ولا إضرار فإن صرفه سيده فيما يرضى فلظهور اسمه الكريم وإن صرفه فيما لا يرضى ملتصريف اسمه الحكيم أو لأظهار اسمه القهار أو المنتقم أو الجبار فالنواصي بيده القلوب بين أصبعيه ولله در الشيخ أبي الحسن رضي الله عنه حيث يقول في بعض أدعيته اللهم إن حسناتي من عطائك وسيئاتي من قضائك فجد اللهم بما أعطيت على ما به قضيت حتى تمحو ذلك بذلك لا لمن إطاعك فيما أطاعك فيه الشكر ولا لمن عصاك فيما عصاك فيه العذر لأنك قلت وقولك الحق لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون اللهم لولا عطاؤك لكنت من الهالكين ولولا قضائك لكنت من الفائزين وأنت أجل واعظم وأعز وأكرم من أن تطاع إلا برضاك أو أن تعصى الا بقضائك إلهي ما أطعتك حتى رضيت ولا عصيتك حتى قضيت أطعتك بارادتك ولك المنة على وعصيتك بقدرتك ولك الحجة على فبوجود حجتك والانقطاع حجتي إلا ما رحمتني وبفقري إليك وغناك عني إلا ما كفيتني اللهم أني لم آت الذنب جرأة مني عليك ولا استخفافاً بحقك لكن جري بذلك قلمك ونفذ به حكمك ولا حول ولا قوة إلا بك والعذر إليك وأنت ارحم الراحمين اللهم أن سمعي أن سمعه وبصري ولساني وقلبي وعقلي بيدك لم تملكني من ذلك شيئاً فإذا قضيت بشئ فكن أنت وليي واهدني إلى أقوم سبيل يا خير من سئل ويا أكرم من أعطي يا رحمن الدنيا والآخرة ارحم عبدا لا يملك دنيا ولا آخرة اه
وهو الذي اختصر الشيخ في هذه المناجاة باحسن عبارة وأوجز لفظ فلله دره وهذا شأنه في تهذيب طريق الشاذليه جزاه الله عن المسلمين خيرا ومثل هذه المناجاة وقعت من بعض الصالحين روي أن شاباً من العباد تعلق بأستار الكعبة وقال
إلهي إن أطعتك فبفضلك ولك الحمد وإن عصيتك فبجهلي ولك الحجة على فباثبات حجتك وانقطاع حجتي إلا ما غفرت لي
فسمع هاتفاً يقول أنت عتيق من النار اه
وقال ذو النون رضي الله عنه رأيت جارية والصبيان يرمونها بالحجارة فكففتهم عنها فنظرت إلي وقالت كأنها تعرفني يا ذا النون ما علامة الصدق قلت صيام النهار وقيام الليل فقالت يا ذا النون كيف يلذ النوم لمن علم حبيبه لا ينام ثم بكت وقالت إلهي إن فكرت في إحسانك إلى لم أبلغ كنهه بفكري وأن ذكرت سترك على لم أقم فيه بشكرى فيا عجبا لقلوب العارفين بك كيف لا تتفطر اجلالاً لقدرك واعظاماً لوصفك تباركت يا مولانا ما أحلمك على من عصاك وما أفضلك على من لم تدع له شغلاً بسواك ثم أنشدت
يا حبيب القلوب أنت الحبيب ... أنت أنسى وأنت مني قريب
يا طبيباً بذكره يتداوي ... كل ذي سقم فنعم الطبيب
طلعت شمس من أحب بليل ... واستنارت فما تلاها غروب
أن شمس النهار تغرب بليل ... وشموس القلوب ليست تغيب
فإذا ما الظلام أسبل ستراً ... فإلى ربها تحن القلوب