المبحث الأول – المراجعة النفسية طبيعة بشرية :
من مواقف الشرع ونصوصه ، وإرشاداته أنه إذ أصيب المرء بمصيبة ، أو مكروه فمن واجبه الشرعي أن يواجه ما أصابه من أخطاء من غير تبرير ، أو التماس عذر ، وألا يتهرب من المسؤولية الشرعية، وعليه المواجهة والصبر ، والمراجعة النفسية ، والنقد الذاتي حتى يصل إلى مرحلة التفتيش عن أخطائه وعيوبه الذاتية ، وبالتالي يلوم نفسه قبل لوم الآخرين . نعم هذا ما سلكه السلف الصالح من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ، وخير دليل على مسلكهم هذا ( موقعة أُحد ) ، وهي أبرز موعظة تربوية ، وأرقى درس تعلمه الرعيل الأول عندما أصابهم ما أصابهم ، وما جرى لهم فيها ، وقد اعترفوا بأخطائهم ، وحاسبوا أنفسهم ووقفوا وقفة عادلة من غير تبرير، أو التماس عذر ، وقد نزل في هذا قرآناً من السماء:(أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير )(2). إذن إن الخطأ ليس عيباً بل هو من سمات الإنسان ، وارتكاب الذنب والوقوع في المعصية لا ينجو منه أحد إلا المصطفى صلى الله عليه وسلم ، ولولا الذنب لم يتم الاستغفار ، ولكن أين العيب في ذلك . نقول : العيب هو الاستمرار بالخطأ ، والإصرار على الذنب ، وعدم الرجوع عنه ، وهذا ما أثبته قول المصطفى صلى الله عليه وسلم : ( كل ابن آدم خطاء وخير الخطاءين التوابون )(3) .
.ولا أكتمكم سراً أنني شخصياً قد ارتكبت حماقات في حياتي الشبابية مع أولادي ، ولكن من فضل الله عليَ أني قد اعترفت بهذه الحماقات التي مصدرها أخطائي مع أبنائي ، ومن السمات التربوية الراقية الرفيعة الاعتراف ولو سراً بالخطأ مع النفس أولاً ، ثم مع الآخرين ثانياً ، لذلك قمت بعد اعترافي بما صدر مني من أخطاء وحماقات مع أولادي بفتح سجل أكتب فيه انتقاداتي الموجهة إلى نفسي ، وكلما أخرجت سجلي هذا أقرأ ما فيه من الانتقادات الموجهة لي أشعر أنني أستطيع بالاعتماد على الماضي أن أواجه أشد وأعقد المشكلات، وأكثرها إيلاماً(4) .
فعلاً كنت في الماضي أُلقي على الآخرين ، وعلى وجه الخصوص أولادي مسؤولية ما ألقاه من مشكلات ، ولكن عندما ذهب من العمر أكثر ما بقي منه ، وزاد ت تجربتي الحياتية شعرت أني أنا الوحيد المسؤول عما أصابني من أخطاء ، أو أصابني من سوء ، وأظن بل أوقن بأن أكثر الناس يدركون ما أدركت ، وبالتالي يفلح من يراجع نفسه ، ويقلع عن أخطائه، ويخسر من أصر عليها معاندة ومكابرة .
وخلاصة القول في هذا الموضوع : أنه ليس من العيب أن يقف الآباء والأمهات لحظة صدق ومحاسبة مع أنفسهم ليزيلوا الحمل الثقيل عن كواهلهم ولا يُؤخذون بالعزة والإثم ، وإذا ما فعلوا ذلك أراحوا الضمير ، وأسروا النفوس ، وأخيراً فإن مراجعة النفس من روح الشرع وحقيقته ، وهو مطلوب من الجميع لكي يسلكوا المسلك الصحيح المؤدي إلى رضوان الله تعالى .

شكراً لوضوحك الواضح الذي ينبئ بسريرة نقية وقلب بريء...
جزاك الله كل خير فلقد كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم واضحاً...

الحمد الله على السلامة دكتور شفاك الله وعافاك
مدرسة حقيقية لكل من اراد ان يصل الى تربية اسلامية صحيحة
بارك الله فيك د عبد الكريم

بارك الله بك دكتور على هذا المنهج الرائع في التعامل منهج الصراحة والاعتراف بالخطأ والتقصير

الحمد لله على السلامة د. عبد الكريم

أيها الشباب المثقف : عين الله ترعاكم ، ونوره يغشاكم ، وعلومه تُعطاكم ، سائلاً المولى بقراءتكم ومطالعتكم أن تزينوا بها دنياكم ، وتحرصوا على معادكم إنه سميع عليم ، ولكم الشكر على مروركم ، وأنا فخور بكم أحبتي في الله

شكرا جزيلا دكتورنا الغالي والف الحمد لله على السلامة

ادامك الله لهذا المنتدى ونفعنا من علمك .