أخواني طلاب المرحلة الثانوية مع نهائية العام الدراسي
أخي الفاضل :
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
أتذكر يوم أن بدأنا عامنا الدراسي الحالي , لقد كان بالأمس القريب يومها كنا ننظر إلى نهايته على أنها بعيدة , لكن الأيام مضت , والأسابيع انقضت , والأشهر ولت ووصلنا إلى نهايته أو كدنا .
وكما مضت هذه الأيام سريعا فيوشك العمر_ أيه الحبيب_ أن يمضي , وملك الموت أن يحل ضيفا علينا , ومفرق الجماعات وهادم اللذات أن ينزل بساحتنا ..... شئنا ذلك أم أبينا .
لا أدري ولا تدري متى يكون ذلك اليوم ؟.....
قد يكون اليوم أو الغد أو بعد غد .. وقد يكون بعد أيام أو أسابيع أو أشهر .. وقد يكون بعد أعوام ...لكن الشيء الذي أدريه وتدريه جيدًا أن الموت ضيف لابد نازل ( كل نفس ذائقة الموت )
أخي الكريم : أنت الآن في مرحلة مهمة من عمرك مضى السن الذي كان يتحمل منك فيه الخطأ وحل عليك العمر الذي أخذ فيه الملك قلمه ونشر صحائفه ليكتب كل لفظ تلفظه وكل عمل تعمله ولن يختم هذه الصحائف إلا بانتقالك إلى مآلك, وفراقك لآلك .
لقد انتقلت أخي من مرحلة الطفولة إلى مرحلة التكليف , انتقلت من عالم إلى عالم آخر , وأصبحت مرحلة الطفولة بالنسبة لك ذكرى لن تعود .......
أخي / اسمح لي أن أقول لك ( أعد النظر في حياتك ) .....
• أعد النظر في تفكيرك وهمومك , في لسانك ومنطقك , في أفعالك وتصرفاتك ....
فلم يعد يقبل منك اليوم ما كان يقبل منك فيما سبق ( فلقد أصبحت رجلا ً).
• أصلح حالك مع ربك وأخلص له في جميع شأنك , حافظ على الصلوات الخمس حيث ينادى بهن في جماعة , تذكر دائما ( أن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته , فإن صلحت فقد أفلح وأنجح , وإن فسدت فقد خاب وخسر ) .
• تقرب إلى مولاك بالنوافل بعد الفرائض ألا تريد الفوز بمحبة الله تعالى ( لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ) .
• بر والديك وأحسن إليهما واعلم أن ربك سبحانه قرن حقه بحقهما ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ) وفي الحديث (رضى الرب في رضا الوالدين وسخط الرب في سخط الوالدين ) .
• أعد النظر في أصحابك واعلم أن الصاحب ساحب, والأخلاق تعدي , وأن ( المرء على دين خليله )
• صاحب الأخيار تجد لديهم المتعة والأنس والسرور وزوال الهموم مع ما أعده الله للمتحابين فيه.. أما علمت أن المتحابين في الله تحت ظل عرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظله , أما سمعت بالحديث القدسي الذي رواه الترمذي وأحمد ( قال الله عز وجل : المتحابون في جلالي على منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء) .
أما صديق السوء فهو شؤم عليك في الدنيا والآخرة وهو رأس كل بلية ، وسبب كل شر .
ألا يكفيك من شؤمه وعاره أنك تُعرف به في الدنيا فيقال صاحب فلان وصديقه .
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي
كم رأينا والله من الشباب الطيبين من طلاب الحلقات وغيرهم ممن تحولوا عن طريق الصلاح والاستقامة إلى طريق الانحراف والغواية بسبب أصدقاء السوء .
ألا يكفيك ما تشعر به معهم من ضعف الإيمان ، ورقة الدين ، والسكوت عن المنكر، والمداهنة في دين الله ، ثم بعد ذلك العداوة والبراءة منك يوم القيامة ( الأخِلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين )
• أخي عجل التوبة قبل الممات واستعد قبل أن يقال فلان مات .
لماذا تؤخر التوبة ؟
أما علمت أن السعادة الحقيقية هي بطاعة رب الأرض والسماوات ، أما علمت أن ممن يظل تحت ظل عرش الرحمن يوم لاظل إلا ظله ( شاب نشأ في طاعة الله ) ، أما علمت أن المرء يسأل يوم القيامة عن شبابه فيما أبلاه ، أما تعلم أن الشباب مرحلة النشاط والقوة والحيوية ، ثم يعقب ذلك مرحلة الضعف والشيبة ( الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفاً وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير) .
فكيف تؤخر التوبة والطاعة إلى زمن الضعف والعجز ؟
ألا تخش أن يُختم على قلبك فيحال بينك وبين التوبة فلا تستطيعها أبداً .
أخي : أطلت عليك أعلم ذلك, لكنها كلمات خرجت من محب لك يأمل أن تصادف قبولاً لديك وما بقي أكثر مما قلت ولعل فيما سبق الكفاية .
والسلام عليك ورحمة الله وبركاته