سيدنا الغوث الصياد قدس سره ومعه ابن أخيه الشيخ شرف الدين أبو بكر ابن مولانا عبدالمحسن أبي الحسن ابن عبد الرحيم رضي الله عنهم فدعاهما إلى بيته وقص عليهما الرؤيا وطلب منه أن يقرأ عليها ما تيسر ، فطلب منه الإمام أن يعقد له عليها فأجاب ، فعقد له فدخل عليها رضي الله عنه وأخذ بيدها وقال لها : " قومي بإذن الله " فقامت في الحال . وتزوج بها رضي الله عنه .
وقال بعد ذلك لابن أخيه يا شرف الدين طاب المتكأ في متكين يشير بها إلى طول المكث في القرية المذكورة فأقام بها وبنى الرباط الكبير المشهور المدفون فيه الآن وكثرت إخوانه وعظم شأنه وقصده الرجال من الشام والعراق وأظهرالله على يديه الخوارق وانقطع عن الخلق وأعرض عما في أيدي الناس وعمت بركته وعظمت حالته.
وكان إذا حل بالناس قحط وجدب استسقوا به فيسقون ببركته وقد مر على أرض مزروعة كاد زرعها أن يتلف من عدم المطر فنزل عن دابته ومشى بين الزرع وبكى وقال متمثلا بقول الشاعر :
وخرج من الزرع فما خرج إلا والسماء هطلت بالمطر وبقيت على ذلك أياما حتى استغاث الناس من المطر فدعا الله فانكشف المطر وطلعت الشمس .
ونقل مثلها عن أبيه القطب عبد الرحيم رضي الله عنهما.
قال الشيخ شرف الدين أبو بكر بن عبدالمحسن رضي الله عنه : كنا مع الشيخ الصياد قدس سره حين سافر الحجاز فمررنا في طريقنا من مشرق هيت بأرض خالية يقال لها جرف وقد أضرنا العطش حتى كادت القافلة أن تهلك فتفقدنا الماء فلم نجد أثراً للماء فجاء كل من في القافلة وصار يبكي أمام السيد أحمد فتواجد وضرب بعصاه الأرض فنبع ماء غلظ الأصبع من محل الضرب فشربت القافلة والدواب ومشينا على أحسن حال ثم رجعت بعد أن مشت القافلة فلم أرَ أثراً للماء. فقلت يا سيدي غاب الماء ليت لو بقي للناس فقال شربت من ماء العناية والله تعالى رؤوف بعباده فدع الخلق للخالق.
ثم قال سيدي شرف الدين قدس سره : وكنا كلما مررنا على نهر ماء استقبله السمك من النهر إلى الشاطئ وازدحم على قدميه رضي الله عنه وكذلك الدواب والهوام والغزلان في البر الأقفر حتى إن الحيوانات نراها تقف له على حافتي الطريق كالرجال المذعنة تزدحم على قدميه الشريفتين.
و قال بعض تلامذته وقع في زرع متكين نار عظيمة في يوم كثير الهواء شديد الريح فالتجأ الناس إليه قدس سره فخرج من باب زاويته واتجه إلى محل النار وقال لا إله إلا الله فما تم كلامه إلا والنار خمدت ولم يبق لها أثر.
وكان كثير الحياء والخشوع والبكاء قليل الكلام أجازه جده القطب الكبير الرفاعي حال موته رضي الله عنه وهو ابن أربع سنين .
ومع إعراضه عن الخلق بلغ عدد مريديه مائتي ألف في حياته.
وقال فيه الإمام الرفاعي : أحمد أنا هو منطو فيّ .
ومن كراماته أن أحد ملوك التتار في العراق جاء إلى الإمام الصياد قبل اشتهاره بهذا اللقب منقطعاً في رواقه المبارك وقد كثر قصاده وزواره فأراد أن يجعل للرواق المبارك أوقافاً فقال للإمام السيد عز الدين رضي الله عنه : يا سيدي أنت لا صنعة لك ولا كسب مع كثرة هؤلاء الواردين والقصاد فأريد أن أجعل للمبارك أقواتاً وأوقافاً تستعين بها على مصالح الفقراء. فظهر الجلال على وجه السيد أحمد رضي الله عنه وقبض بيديه في الهواء وألقى أسدين مربوطين بحبل من ليف النخل وقال للملك : " صنعتي هذه وعزة ربي لقد صدتهما من فلاة بربع الخراب " فهابه الملك وأعظم من شأنه وقال له : " أنعم بك من صياد " فاشتهر بهذا اللقب الشريف ؛ والقوم يقولون هو صياد القلوب ، وبعضهم يقول : صياد المناقب والمفاخر.
وكراماته كثيرة و مشهورة
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه و صلى وسلم على المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات عدد ما ذكره الذاكرون وعدد ما غفل عن ذكره الغافلون صلاةً وتسليماً دائمين متلازمين مع البركات
و الحمد لله ربّ العالمين
[إلى اللقاء مع ولي من الأولياء بإ ذن الله.