"سمية العلي" من أميّة إلى معلمة..!!
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] «حين يأتي أطفالي من المدرسة ويطلبون مني أن أساعدهم، كانت الغصّة كبيرة، إذ كنت لا أميّز الألف من عصى الراعي، كنت أحسّ بالخجل أمامهم خاصة أنّ والدهم طبيب، فكيف سيتقبلون أن أكون أميّة غير قادرة على فكّ الحرف»، والكلام للسيدة "سمية العلي" من قرية "أم جلال" الواقعة إلى الجنوب الشرقي من "معرة النعمان" بحوالي ثمانية وعشرين كيلومتر تقريباً.
هذه السيدة، وهي أم لخمسة أطفال صارعت الأمية والجهل بعناد الأم المتوثبة لكل ما يفيد أبناءها فاستطاعت بصبرها ومثابرتها أن تتخلص من أميتها بل وأن تقطع مسافات متميزة في طريق العلم، وهي مصرّة كما تقول على إكمال تعليمها حتى نيل شهادة الجامعة.
تحدثت عن تجربتها قائلة: «بدأت بتعلم حروف اللغة العربية بعد أن التحقت بدورة محو أمية، وعانيت في البداية صعوبة كبيرة حيث كانت الأحرف المتشابهة تربكني كثيراً كالجيم والحاء والخاء...إلخ، ثم تقدمت لفحص شهادة تمكين مستوى ثالث، وهي تعادل الابتدائية، بعدها بدأت بدراسة منهاج الإعدادية للتقدم لنيل شهادتها، فكانت حافزاً على المتابعة لدراسة "البكالوريا" فجلبت كتب الشهادة الثانوية وبدأت بدراستها بمساعدة زوجي "أحمد هزاع" (أبو هزاع) الذي قدّم لي كل الدعم للاستمرار والنجاح والحمد لله استطعت أن أحصل على الشهادة الثانوية، وحالياً أحضر نفسي لدراسة الجامعة "قسم رياض الأطفال".
وتابعت السيدة "سمية" حديثها عن سخرية الآخرين منها: «كثيرون كانوا يقولون لي (بعد الكبرة جبّة حمرة، وآخرون كانوا يسخرون بأسئلتهم ماذا ستصنعين بالشهادة)».
وعن الموانع التي حالت دون التحاقها بقطار التعليم تقول: «أهم سبب لمنعي ومنع الكثيرات في القرية من دخول المدرسة
هو بعدها حيث كان يتوجب
على التلميذ أن يقطع مسافة ثمانية كيلومترات سيراً على الأقدام من "أم جلال" إلى "التمانعة"
حيث لم يكن في "أم جلال" سوى ابتدائية قبل نظام التعليم الأساسي، وهذا منع معظم بنات القرية من دخول المدرسة أما اليوم فالأمر مختلف تماماً وربما كان لي الدور الأساسي، فقد شجعت تجربتي الكثيرين على الاهتمام بتعليم بناتهم، وأنا أشجعهم على ذلك خاصة وأنني أقوم حالياً، إضافة لعملي كمعلمة صف بالوكالة في ابتدائية قرية "تل خزنة"، بدورات محو أمية لكبار السن ممن لم يحالفهم الحظ في الدخول في التعليم النظامي فأتطرق للحديث عن أهمية تعليم البنات، وكما قلت لك لقد اختلفت كثيراً نظرة الأهالي لتعليم بناتهم عن السابق ففي قريتنا حالياً عدد من الطالبات في مراحل تعليمية مختلفة».
أما زوجها الطبيب "أحمد هزاع" فقد ابتسم قائلاً: «إنه الحب الذي دفعني للزواج»، مجيباً عن سبب ارتباطه بها، وأضاف: «أنا أحبها منذ زمن بعيد، وربما هذا ما جعلني دائم التشجيع لها وأيضاً بُعدُ منزلنا عن القرية حيث نعيش في مزرعة تبعد حوالي (2) كم تقريباً عن أقرب منزل هذا الأمر جعلها تقضي معظم الوقت بالقراءة والتعلم».
أخيراً إنّ السيدة "سمية" مثال ينبض بالإرادة والتصميم على تعليم وتثقيف نفسها في حين نجد الكثيرات ممن رضخن لرتابة حالتهن.