[size=64]عروة بن الزبير[/size]
اسمه ونسبه
هو عروة بن حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمته صفيه، الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب . الإمام ، عالم المدينة ، أبو عبدالله القرشي الأسدي المدني الفقيه الحافظ ، أحد الفقهاء السبعة ، تابعي جليل ، وهو أخو أبي خبيب عبدالله بن الزبير بخلاف أخيهما مصعب فإنه لم يكن من أمهما ، وأمهما هي ذات النطاقين أسماء بنت أبي بكر الصديق إحدى عجائز الجنة . كان من فقهاء أهل المدينة وأفاضل التابعين.
مولده
اختلف في سنة ولادته على أقوال عدة : قيل : كانت ولادته سنة اثنتين وعشرين . وقيل : ولد في آخر خلافة عمر وكان أصغر من أخيه عبدالله بعشرين سنة ، ولد عروة بن الزبير أي في سنة ثلاث وعشرين. ورجح ابن كثير : أنه ولد في سنة ثلاث وعشرين بعد وفاة ومقتل عمر بن الخطاب – رضي الله عنه - . وقيل : ولد سنة ست وعشرين . وقيل : ولد سنة تسع وعشرين وهو الراجح
في نشأته
ذكر بعض من ترجم له بعض المواقف التي حدثت لعروة في صباه وأيام نشأته: فقد قال: رددت أنا وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام يوم الجمل، استصغرنا، قال يحيى بن معين: كان عمره يومئذ ثلاث عشرة سنة، لأنه ولد في سنة ثلاث وعشرين. ولا عجب في ذلك – أي رغبته في المشاركة ورغبته مع صغر سنه – فأبوه الزبير أول من سلّ سيفاً في الإسلام ومن الشجعان المعدودين وأخوه عبد الله الذي لم تسع كتب السير مواقف شجاعته وأحداث بطولته. كذلك مما رُوي عنه في نشأته، قوله: كنت أتعلق بشعر في ظهر أبي. ملاطفة الزبير لابنه عروة كان من أكبر الأسباب المؤثرة في نشأة عروة إلى أن ينشأ على تلك الصفات الحميدة من الصبر والعلم والعبادة كذلك الشجاعة. ومما يروى عنه أنه قال: كنت غلاماً مالي ذواتبان، فقمت أركع ركعتين بعد العصر، فبصر بي عمر ومعه الدرة، فلما رأيته، فررت منه، فلحقني، فأخذ بذؤابتي، قال: فنهاني، قلت: لا أعود. قال الذهبي معلقاً: الأشبه أن هذا جرى لأخيه عبد الله، أو جرى له مع عثمان.
يلحظ أن هذا جرى له وهو غلام، يعلم منه ما كان للتربية والبيت والبيئة التي خرج منها عروة من نشأته على العبادة من زمن الصغر والتربية عليها، لهذا كان يعد عروة من العباد بعد كبره.
زوجاته وأبناؤه
تزوج عروة رحمه الله أربع زوجات وأنجب منهن، وكذلك أنجب من عدد من الإماء: وهن :
1ــــ فاختة بنت الأسود بن أبي البختري بن هاشم بن الحارث بن أسد بن عبد العزى: وأنجب منها عبدالله وعمر والأسود وأم كلثوم وعائشة وأم عمر.
2 ــــ أم يحيى بنت الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس: ومنها أنجب: يحيى ومحمد وعثمان وأبي بكر وعائشة وخديجة.
3 ـــ أسماء بنت سلمة بنت عمر بن أبي سلمة بن عبد الأسد من بني مخزوم: ومنها عبيد الله.
4 ــــ أم ولد اسمها واصلة: ومنها: مصعب بن عروة وأم يحيى.
5 ــــ أم ولد: ومنها هشام بن عروة وصفية.
ومن أبنائه من روى عنه سأذكرهم – إن شاء الله – في المبحث الخاص بمن روى عنه وتتلمذ عليه
5 ــ طلبه للعلم وحرصه عليه:
سأبدأ من هذا المبحث في ذكر ما تميز به عروة رحمه الله من العلم والفقه ونبدأ في هذا المبحث بذكر طلبه للعلم دون من سمع عنهم – من مشائخه – لأني رأيت أفرادهم في مبحث مستقل: فمن أكبر الأسباب التي يسرت له حمل العلم والفقه أنه حمل الهم وتطلع إلى العلم ومن ذلك ما يروى أن : المسجد الحرام جمع بين عبدالملك بن مروان وعبدالله بن الزبير وأخويه مصعب وعروة وعبدالله بن عمر أيام تآلفهم بعهد معاوية بن أبي سفيان ، فقال بعضهم : هلم فلنتمن ، فاجتمعوا في احجر فقال عبد الله بن الزبير: امنيتي أن أملك الحرمين وأنال الخلاف، وقال مصعب: امنيتي أن أملك العراق وأجمع بين عقليتي قريش سكينة بنت الحسين وعائشة بنت طلحة، وقال عبدالملك بن مروان: منيتي أن أملك الأرض كلها وأخلف معاوية، وقال عروة: لست في شيء مما أنتم فيه، منيتي أن يؤخذ عني العلم. وقيل: أنه قال: منيتي الزهد في الدنيا والفوز بالجنة في الآخرة، وأن أكون ممن يروى عنهم هذا العلم. وقال عبد الله بن عمر: أما أنا فأتمنى المغفرة. فصرف الدهر من صرفه إلى أن بلغ كل واحد منهم أمله، ولعل ابن عمر قف غفر له. وكان عبدالملك بن مروان يقول: من سرَّه أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى عروة بن الزبير لأنهم لما اجتمعوا وتمنوا فلما نال كل امرئ منهم أمنيته كان في ذلك دليل على نيل عروة أمنيته. وأُردف الحرص الذي تبين لنا من خلال القصة السابقة بحرصه على العلم وطلبه فالعلم لا ينال إلا بالتعلم، والعلم لا ينال برامة الجسد كما علق ذلك الإمام مسلم عن يحيى ابن كثير. يتبين لنا هذا الحرص من خلال هذه الأقوال والمواقف التالية:
فقد قال قبيصة بن ذؤيب : كنا في خلافة معاوية ، وإلى آخرها ، نجتمع في حلقةِّ بالمسجد بالليل أنا ومصعب ابنا وعروة ابن الزبير ، وأبو بكر بن عبدالرحمن ، وعبدالملك بن مروان ، وعبدالرحمن المسور ، وإبراهيم بن عبدالرحمن بن عوف ، وعبيد الله بن عبدالله بن عتبة ، وكنا نفترق بالنهار فكنت أنا اجالس زيد بن ثابت وهو مترئس بالمدينة في القضاء ، والفتوى ، والقراءة ، والفرائض ، في عهد عمر وعثمان وعلي ، ثم كنت أنا وأبو بكر بن عبدالرحمن نجالس أبا هريرة . وكان عروة يغلبنا بدخوله على عائشة. وكان يقول عن نفسه: ما ماتت حتى تركتها قبل ذلك بثلاث سنين وقال: لقد رأيتني قبل موت عائشة بأربع حجج، وأنا أقول : لو ماتت اليوم ما ندمت على حديثٍٍ عندها إلا وقد وعيته ، ولقد كان يبلغني عن الصحابي الحديث فآتيه ، فأجده قد قال – نام - ، فأجلس على بابه ، ثم أسأله عنه . وهكذا فلما حمل عروة همَّ العلم ثم حَرِصَ عليه وطلبه وهو صغير، كان لنا ذلك الفقيه العالم وهو كبير، من خلال المبحث السابق كان غرضنا إيراد بعض مواقف عروة بن الزبير في طلب العلم .
شيوخه ومن روى عنهم
نأتي في هذا المبحث على من روى عنهم عروة وتفقه عليهم ، وليس مرادي من ذلك أن نأتي عليهم جميعاً ولكن بمن برز منهم فيكفي من القلادة ما أحاط بالعنق : فقد كان من أبرز من سمع منهم وتفقه عنهم هي خالته عائشة أم المؤمنين فقد روى عنها ، كما أنه حدّث عن أبيه الزبير بشيء يسير لصغره ، وعن أمه اسماء بنت أبي بكر الصديق ، وعن سعيد بن زيد ، وعلي بن أبي طالب وسهل بن أبي حثمة ، وعبدالله بن عمر ، وابن عباس ، وأبي هريرة ، وأبي حميد الساعدي والمغيرة بن شعبة وعن حكيم بن حزام ، وعن زيد بن ثابت وعبدالله بن عمر بن العاص ، وأخوه عبدالله بن الزبير ، وأبي أيوب الأنصاري ، وغيرهم كثير رضي الله عنهم أجمعين .
علمه وفقهه
مرّ بنا في طلبه للعلم بعض ما عانى في طلبه للعلم الذي كانت ثمرته أن كان عروة بن الزبير أحد فقهاء المدينة السبعة الذين نظم منهم :
الا كل من لا يقتدي بأئمة قسمته ضيزى عن الحق خارجه
خذهم عبيد الله عروة قاسم سعيد سليمان أبو بكر خارجه
قال أبو الزناد: كان فقهاء أهل المدينة أربعة سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وقبيصة بن ذؤيب وعبد الملك بن مروان.
وقال ابن شهاب الزهري: كنت أطلب العلم من ثلاثة سعيد بن المسيب وكان أفقه الناس وعروة بن الزبير وكان بحراً لا تكدره الدلاء، وعبيد الله بن عبد الله وكنت لا أشأ أن أقع منه على علم ما أجد عند غيره إلا وقعت.
وقال: أربعة وجدتهم بحوراً عروة وابن المسيب وأبو سلمة وعبيد الله.
وقال عمر بن عبد العزيز: ما أحد أعلم من عروة بن الزبير – رضي الله عنه.
وقال ابن عينية: إن أعلم الناس بحديث عائشة ثلاثة: القاسم بن محمد وعروة بن الزبير وعمرة بنت عبد الرحمن.
وقد كان – رحمه الله – من فقهاء المدينة وأفاضل التابعيين. قال ابنه هشام: والله ما تعلمنا جزءاً من ألفي جزء أو ألف جزءِ من حديث أبي، ومع ذلك فالزهري يقول: ما رأيت أحداً أفقه منه لكنه قليل الحديث.
قال عبد الرحمن بن حميد بن عبدالرحمن: دخلت مع أبي المسجد، فرأيت الناس قد اجتمعوا على رجل، فقال أبي: انظر من هذا؟، فنظرت فإذا هو عروة، فأخبرتهُ وتعجبت ، فقال : يا بني ، لا تتعجب لقد رأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه .
وقال ابن سعد: وكان ثقة كثير الحديث فقيهاً عالماً مأموماً ثابتاً.
وقال هشام عن أبيه أنه قال: يا بني سلوني فلقد تركت حتى كدت أنسى، وإلى لأُسأل عن الحديث فيفتح لي حديث يومي .
وعن ابن شهاب، قال: كان إذا حدثني عروة ثم حدثني عمرة صدق عندي سقْط (حديث عمرة) حديث عروة فملا استخبرتهما إذا عروة بحر لا ينزف.
تلاميذه ومن روى عنه
بعد ذكر علمه وفقهه وبعض ما قيل فيه نتطرق الآن على تلاميذه اللذين كانوا سبباً في نقل فقهه إلى من بعدهم وإلى الأجيال القادمة ، ولا أستطيع في هذه العجالة أن آتي عليهم جميعاً ولكن حسبك من القلادة ما أحاط بالعنق ، فسأتطرق بإذن الله إلى أبرزهم ومن تكرر ذكره في كتب التراجم والطبقات فإلى ذكرهم :
كان من أبرز من حدّث عنه : محمد بن شهاب الزهري وبنوه يحيى وعثمان وهشام ومحمد وعبدالله ، وحفيده عمر بن عبدالله بن عروة ، ويزيد بن رومان ، ومحمد بن المنكدر ، وأبو الزناد ، وصالح بن كيسان ، وأبو الأسود محمد بن عبدالرحمن وهويتهم عروة ، وأبو سلمة بن عبدالرحمن ، وعطاء بن أبي رباح ، وعمر بن عبدالعزيز ، ومحمد بن إبراهيم التيمي وغير هؤلاء كثير .
وأختصر ابن كثير من روى عنه فقال: ((و عنه جماعة من التابعين وخلق ممن سواهم )).
روايته للأحاديث
كان مما تميز به عروة من خلال مسيرته العلمية الحديث والفقه كما قال ابن سعد عنه في طبقاته: ((وكان ثقة كثير الحديث فقيهاً عالماً مأموناً ثبتاً)). وقد مر بنا أن حديثه غلب فقهه، كذا مر بنا قول ابنه هشام، ما تعلمنا جزءًا من ألف جزء من أحاديثه.
وسأورد في هذا المقام بعض ما قيل في توثيقه:
قال العجلي: ((مدني تابعي ثقة)) كما أورده ابن حبان في الثقات .
وقال ابن خراش: ثقة
وقد ذكر أبو نعيم في الحلية بعض مرويات عروة بن الزبير من المسانيد عن كبار الصحابة وجمهورهم رجالاً ونساءً مالا يحصى فمن مسانيد حديثه عن ابيه: قال هشام بن عروة حدثنا أبي عن الزبير بن العوام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((غير والشيب لا تشبهوا باليهود)) . غريب من حديث عروة تفرد به ابن كناسة .
وعن أبي الأسود عن عروة عن علي بن أبي طالبً كرم الله وجهه هذا نص عبارة الحديث كما ذكره أبو نعيمه مع التحفظ على العبارة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من بنى لله مسجداً بنى الله له بيتاً في الجنة)) . غريب من حديث عروة تفرد به عبدالله بن لهيفة.
وعن يحيى بن كثير عن عروة بن الزبير عن عبدالله بن عمرو قال : اشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله عز وجل لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس ولكنه يقبض العلماء بعلمهم ، فإذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا هذا حديث صحيح ثابت من حديث عروة بن الزبير رواه عنه ابنه هشام بن عروة والزهري وأبو الأسود .
وعن سفيان الثوري عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا دخل الخلاء غطى رأسه.
أقواله
كان من آثار العلم والفقه والحديث الذي حمله عروة أن أُوتي فصاحة في لسانه وبلاغة في منطقه وكذلك حكمة في رأيه وسداداً فيه ، فنقلت عنه كلمات سارت بها الركبان لما فيها من فصاحة وجمال وبلاغة ، وإني في هذا المبحث أحاول أن أجمع بعض مقولاته التي انتقيتها من بطون الكتب والمراجع ولا أدعي أني جمعتها فهذا مما يشق ويعسر ، فمن أقواله :
قال هشام بن عروة: قال أبي: رب كلمة ذُّل احتملتها أورثتني عزاً طويل.
وقال: ما حدثت أحداً بشيء من العلم قط لا يبلغه عقله إلا كان ضلالة عليه.
وقال: كان يقال: أزهد الناس في عالم أهله.
وقال هشام بن عروة عن أبيه قال: إذا رأيت الرجل يعمل الحسنة، فاعلم أن لها عنده أخوات فإذا رأيته يعمل السيئة فاعلم أن لها عنده أخوات، فإن الحسنة تدل على أخواتها وإن السيئة تدل على أخواته.
وعن هشام بن عروة قال: قال عروة لبنيه: يا بني لا يهدين أحدكم إلى ربه عز وجل ما يستحي أن يهديه إلى كريمه فإن الله عز وجل أكرم الكرماء وأحق من اختير إليه.
وعن هشام قال: قال عروة لبنيه: يا بنِّي تعلموا فإنكم إن تكونوا صغار قوم عسى أن تكونوا كبارهم، وسوأناه! ماذا أقبح من شيخ جاهل؟ .
وقال : إذا رأيتم خلة شر رائعة من رجل فاحذروه وإن كان عند الناس رجل صدق فإن لها عنده أخوات ، وإذا رأيتم خلة خير رائعة من رجل فلا تقطعوا عنه إياسكم ، وإن كان عند الناس رجل سوء فإن لها عنده أخوات ، قال الناس بأزمنتهم أشبه منهم بآبائهم وأمهاتهم ، لفظ الجوهري.
وعن هشام بن عروة عن أبيه قال: مكتوب في الحكمة لتكن كلمتك طيبة وليكن وجهك بسطاً تكن أحب إلى الناس ممن يعطيهم العطاء.
قال معاوية بن إسحاق عن عروة، قال: ما بر والده من شد الطرف إليه. وغيرها من الأقوال الحكم التي فاض بها فمه وتناقلها الرواة عنه مما أعجز ويشق عليِّ تتبعه واستقراؤه .
شِعْره
كان عروة بالإضافة إلى فقهه وروايته للحديث راوياً للشعر وكان مكثراً منه حتى عُرِف به واشتُهر عنه، حتى قال عنه ابن كثير: ((وكان أروى الناس للشعر)).
وعن ابن أبي الزناد، قال: ما رأيت أحداً أروى للشعر من عُروة . فقيل له : ما أرواك للشعر ؟!
فقال : ما روايتي ما في رواية عائشة ، ما كان ينزل بها شيء إلا أنشدتْ فيه شعر.
فلقد كان من أكبر الأسباب التي أدت إلى روايته للشعر تأثره بخالته أم المؤمنين والتي تأثر بفقهها ولازمها وروى عنها الحديث عائشة بنت الصديق رضي الله عنها .
عبادته
بالإضافة إلى علمه كان عروة رحمه الله ممن عرف بالعبادة، والإكثار منها وقد قسم هذا المبحث إلى مطلبين:
الأول: قيامه وقراءته القرآن:
كان عروة ممن عرف عنه الإكثار من قراءة القرآن حتى أنه كان يقرأ كل يوم ربع القرآن ويقوم به الليل، وكانت قراءته للمصحف نظراً بالتدبر والتفكر حتى يذهب عامة يومه به ثم يقوم تلك الليلة بذلك الربع من القرآن على التدبر والتفكر حتى يذهب عامة ليله به وما ترك ورده من الليل إلا ليلة قطعت رجله.
وروي أنه لم تيرك جزءه وورده حتى تلك الليلة .
صيامه
أورد كثير ممن ترجم لعروة حاله مع الصيام، فقد روي أنه كان يصوم الدهر ويسرده إلا يوم الفطر ويوم النحر ، حتى أنه رحمه الله صام يوم قطع رجله من المفصل فما تضور وجهه ، ومات رحمه الله تعالى وهو صائم وجعلوا يقولون له : افطر ولم يفطر، وغيرها من العبادات التي سأنثرها في طيات هذا البحث إن شاء الله .
أخلاقه
كما تميز عروة رحمه الله بأخلاق حميدة وخصال جليلة جعلت منه ذلك الإمام المشار إليه بالبنان وذلك الإمام والعالم الذي ملأ به أهل السير سيرهم، واقتدى به المقتدون، واخترت من أخلاقه ما أسعفني به أهل السير ومن ترجم له من المواقف، وقد قسمتها على أربعة مطالب
1 ــ كرمه
كانت هذه الخصلة الحميدة مما فاضت به كتب السير في سيرة عروة فلقد روي أنه إذا كان أيام الرطب ثلم حائطه فيدخل الناس فيأكلون ويحملون. وكان إذا دخله ردّدّ هذه الآية فيه حتى يخرج منه ((ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله)) حتى يخرج .
وقيل: كان ينزل حوله ناس من البدو فيدخلون ويأكلون ويحملون.
وما ذلك إلا لكرمه وحسانه إلى الناس مما جعل الناس يذكرونه بخير حتى قال ابنه هشام: ما سمعت أحداً من أهل الأهواء يذكر أبي بسوء.
2 ــ ورعه
المواقف التي تدعم القول بأن هذه الصفة مما اتصف به عروة كثيرة نذكر منها: ما قاله أحمد بن عبد الله العجلي: عروة بن الزبير تابعي ثقة، رجل صالح، لم يدخل في شيء من الفتن، وذكر نحوها في غير موضع.
وذكر ابن سعد في طبقاته أنه كان علي بن حسين بن علي بن أبي طالب يجلس كل ليلة هو وعروة بن الزبير في مؤخر مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد العشاء الآخرة ، فكنت أجلس معهما ، فتحدثنا ليلة فذكر جور من جار من بني أمية والمقام معهم وهو لا يستطيع تغيير ذلك ثم ذكرا ذلك وما يخافان من عقوبة الله لهم فقال عروة لعلي : يا علي إن من اعتزل أهل الجور والله يعلم منه سخطه لأعمالهم فإن كان منهم على ميل ثم أصابتهم عقوبة الله رجي له أن يسلم مما عصا بهم ، فخرج عروة فسكن العقيق. فلما اتخذ عروة قصره بالعقيق قال له الناس : جفوت مسجد رسول الله ! قال : رأيت مساجدهم لاهية ، وأسواقهم لاغية ، والفاحشة في فجاجهم عالية ، فكان فيما هنالك – عما هم فيه – عافية، ولما فرغ من بنائه وبئاره ، دعا جماعةً ، فطعم الناس وجعلوا يبَّركون وينصرفون.
كذلك مما يروى من ورعه: أنه قال: كنا نقول: لا نتخذ كتاباً مع كتاب الله، فمحوت كتبي، فو الله لوددت أن كتبي عندي ، إن كتاب الله قد استمرت مريرته.
وروي أنه أحرق كتباً له فيها فقه، يوم الحرة، فكان يقول بعد ذلك: والله لوددت لو أني فديتها بأهلي ومالي، فهو لم يحرق كتبه إلا خشية أن تختلط بكتاب الله تعالى وهذا من ورعه رحمه الله تعالى
تواضعه
مع ما تميز به عروة كان يتحلى بتواضع جمِّ . فقد قال هشام بن عروة : كان أبي يدعوني وعبد الله بن عروة وعثمان وإسماعيل إخوتي وآخر سماه هشام ، فيقول : لا تغشوني مع الناس لكن إذا خلوت فسلوني ، وكان يأخذ بأحاديث في الطلاق ثم الخلع ثم الحج ثم الهدي ثم كذا ثم كذا .... فعروة يأمر أبنائه بألا يسألوه أمام الناس، لئلا يكون ذلك سبباً لأن يسأله الناس، وذلك مع علمه وفقهه الذي عُرِف ومُيِّر به . فكيف بحالنا ؟؟!! .
محنته وصبره
إذا ذكر اسم عروة بن الزبير فإنه غالباً ما يذكر معهما قصة بلائه ومحنته وصبره بعد ذلك وهي قصة قطع رجله لما وقعت فيها الآكلة فنشرها فما زاد على أن قال الحمد لله . وبما أننا التزمنا بذكر سيرته كان لزاماً علينا أن نورد هذه القصة فإلى تفاصيلها :
روي أن عروة خرج إلى الوليد بن عبد الملك، حتى إذا كان بوادي القرى، فوجد في رجله شيئاً ، فظهرت به قرحة الآكلة ، ثم ترقى به الوجع ، وقدم على الوليد وهو في محْمل ، فقيل : ألا ندعوا لك طبيباً ؟ قال : إن شئتم ، فبعث إليه الوليد بالأطباء فأجمع رأيهم على أن لم ينشروها قتلته ، فقال شأنكم فقالوا : اشرب المُرقد ، فقال : امضوا لشأنكم ، ماكنت أظن أن خلقاً يشرب ما يزيل عقله حتى لا يعرف ربه عز وجل ، ولكن هلموا فاقطعوها .
وقال ابن قتيبة وغيره : لما دعي الجزار ليقطعها قال له : نسقيك خمراً حتى لا تجد لها ألماً ، فقال : لا أستعين بحرام الله على ما أرجو من عافية ، قالوا : فنسقيك المرقد ، قال : ما أحب أن اسلب عضواً من أعضائي وأنا لا أجد ألم ذلك فأحتسبه ، قال : ودخل قوم أنكرهم ، فقال : ما هؤلاء ؟ قالوا : يمسكونك فإن الألم ربما عَزَبَ معه الصبر ، قال : أرجو أن أكفيكم ذلك من نفسي ...
فوضع المنشار على ركبته اليسرى فنشروها بالمنشار فما حرك عضواً عن عضو وصبر حتى فرغوا منها ثم حمسوها وهو يهلل ويكبر ، ثم إنه أغلي له الزيت في مغارف الحديد فحسم به ، ثم غشي عليه ، وهو في ذلك كله كبير السن وإنه لصائم فما تضور وجهه ، فأفاق وهو يمسح العرق عن وجهه .
وروي أنه لما أُمر بشرب شراب أو أكل شيء يذهب عقله قال : إن كنتم لا بد فاعلين فافعلوا ذلك وأنا في الصلاة فإن لا أحس بذلك ولا أشعر به ، قال : فنشروا رجله من فوق الآكله من المكان الحيَّ احتياطاً أنه لا يبقى منها شيء وهو قائم يصلي فما تصور ولا اختلج فلما انصرف من الصلاة عزّاه الوليد في رجله .
وقيل : إنه قطعت رجله في مجلس الوليد ، والوليد مشغول عنه بمن يحدثه ، فلم يتحرك ولم يشعر الوليد أنها قطعت حتى كويت فوجد رائحة الكي . وقال الوليد: ما رأيت قط شيخاً أصبر من هذا .
ولما رأى رجله وقدمه في أيديهم أو في الطست دعا بها فتناولها فقلبها في يده ثم قال : أما والذي حملني عليك أنه ليعلم أن ما مشيت بك إلى حرام ، أو قال : إلى معصية . ثم أمر بها فغسلت وحنطت وكفنت ولفت بقطيفه ثم أرسل بها إلى المقابر .
وكان معه في سفره ذلك ابنه محمد ، ودخل محمد اصطبل دواب الوليد ، فرفسته دابة فخر ميتاً . فأتى عروة رجل يعزيه ، فقال : إن كنت تعزيني برجلي فقد احتسبتها . قال : بل أعزيك بمحمد ابنك ، قال : وماله ؟ فأخبره ، فقال : اللهم أخذت عضواً وتركت أعضاء ، وأخذت ابناً وتركت أبناءً . فما سمع منه شيء في ذلك حتى قدم المدينة فلما قدم المدينة. أتاه ابن المنكدر ، فقال ، كيف كنت ؟ قال (( لقد لقينا من سفرنا هذا نصباً )) وقال : اللهم إنه كان لي أطراف أربعة فأخذت واحداً وأبقيت لي ثلاثة فلك الحمد ، وكان لي بنون أربعة فأخذت واحداً وأبقيت لي ثلاثة فلك الحمد وأيم الله لئن أخذت لقد أبقيت ولئن ابتليت لطالما عافيت ، وروي :اللهم إن كان لي بنون سبعة .
ولما دخل المدينة أتاه الناس يسلمون عليه ويعزونه في ابنه ورجله ، فبلغه أن بعض الناس ، قال : إنما اصابه هذا بذنب عظيم أحدثه ، فأنشد عروة في ذلك متمثلاً أبياتاً لمعن بن أوس :
لعمرك ما أهويت كفي لريبة *** ولا حملتني نحو فاحشة رجلي
ولا قادني سمعي ولا بصري لها *** ولا دلني رأيي عليها ولا عقلي
ولست بماشٍ ماحييت لمنكر *** من الأمر لا يمشي إلى مثله مثلي
ولا مؤثر نفسي على ذي قرابة *** وأوثر ضيفي ما أقام على أهلي
وأعلم أني لم تصبني مصيبة من الدهر *** إلا قد أصابت فتى قبلي (75)
وكان أحسن من عزاه إبراهيم بن محمد بن طلحة ، فقال له : والله ما بك حاجة إلى المشي ، ولا أربُ في السعي ، وقد تقدمك عضو من أعضائك وابن من أبنائك إلى الجنة ، والكل تبع لبعض - إنشاء الله تعالى - وقد أبقى الله لنا منك ماكنا إليه فقراء من علمك ورأيك نفعك الله وإيانا به ، والله ولي ثوابك ، والضمين بحسابك، وعاش بعد قطع رجله ثماني سنوات. ولم يدع ورده من القرآن والقيام وحتى في هذه الليلة - كما مر بنا - .
رحلاته وتنقلاته
مما ذكر من ذلك أن عروة قدم البصرة على ابن عباس وهو عامل فيها، فيقال أنشده :
أمُتُّ بأرحامٍ إليك قريبةٍ *** ولا قُربَ بالأرحام مالم تُقرٍّب
فقال لِعروة : من قال هذا ؟ قال : أبو أحمد بن جحش ، قال ابن عباس : فهل تدري ما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : لا ، قال : قال له : صدقت ، ثم قال : ما أقدمك البصرة ؟ قلت : اشتدت الحال ، وأبى عبدالله أن يقسم سبع حِجَجٍ تألى حتى يقضي دين الزبير ، قال : فأجازني وأعطاني ، ثم لحق عصر ، فتزوج وأقام بها بعد سبع سنين ثم عاد إلى المدينة.
فهو انتقل إلى البصرة ثم إلى مصر فتزوج واقام بها سبع سنين ثم رجع الى المدينة .
وفاته
بعد هذه المسيرة الحافلة بالعلم والعبادة ، والحافلة بالدروس والعبر انطوت صفحة الإمام عروة بن الزبير وقد اختلف في سنة وفاته على أقوال عدة : وقيل : أنه توفي سنة إحدى وتسعين. وقيل : أنه توفي سنة اثنتين وتسعين. وقيل: انه توفي سنة ثلاثة وتسعين، قاله : ابن المديني وأبو نعيم وشباب وابن خلكان. كما قيل أنه توفي سنة أربع وتسعين ، قاله : الهيثم ، والواقدي ، وأبو عبيد ، ويحيى بن معين ، والفلاس وأبن سعد . وقيل سنة خمس وتسعين ، قاله : يحيى بن بكير.
وقيل أنه توفي سنة تسعة وتسعين وقيل أنه توفي سنة مائه. وقيل: أنه توفي سنة إحدى ومائه. وقال عنه الذهبي : وليس هذا بشيء. والذي يظهر أنه الراجح : أن وفاته كانت سنة أربع وتسعين ، وهو اختيار شيخ الإسلام بن كثير ورجحه ابن سعد في طبقاته ، وقال : قال محمد بن عمر : وكان يقال لهذه السنة : سنة الفقهاء لكثرة من مات منهم فيه. وكانت وفاته ليلة الثلاثاء الرابع عشر من ربيع الأول قاله يحيى بن عبد الله بن حسن ومات – رحمه الله – وهو صائم، وجعلوا يقولون له: أفطر، فلم يفطر. ودفن يوم الجمعة. وتوفي عروة ودفن في قرية له بمجاج بقرب المدينة يقال لها: فرع – بضم الفاء وسكون الراء – وهي من ناحية الربذة ، و تبعد عن المدينة أربع ليال ، وهي ذات نخيل ومياه. وقال هشام بن عروة: أوصاني أبي ألا تذروا علي حنوط. واختلف في السن وبهذا تنطوي صفحة الإمام عروة بن الزبير – رحمه الله تعالى – وجمعنا به في جنات النعيم
وفي الختام
كنا نسبح في سيرة عروة بن الزبير العالم العابد الفقيه ، صنع منه الإسلام إماماً مقدماً تعنو له الرقاب ، وجعل منه قدوة صالحة للأجيال ، ومن خلال البحث خرجت بعدد من النتائج ، أهمها :
1 ــــ أن التاريخ مليء وغني بسير الأفذاذ من رجال هذه الأمة، الذين يمثلون أروع القدوات والنماذج لمن اقتدى بهم ، واحتذى سيرهم ، وسلك مسلكهم ، وقراءةً أولاً وتمثلاً وعملاً ثانياً . فعلى المسلم الحريص على ثباته واستقامته صاحب الهمة أن يرجع إلى سيرهم ليرى معالجتهم للأمور وتحليلهم للمواقف، ومن ثم الاستفادة من ذلك فـ :
اقرؤوا التاريخ إذ فيه العبر *** ضل قوم ليس يدرون الخبر
ففي هؤلاء العظماء كفاية عما بدأ يظهر في الآونة الأخيرة، من الدعوة إلى الاقتداء بعظماء الغرب، والسير على منوالهم، وتطير سيرهم، فهم أولى من أولئك الغربيين.
2 ــــ في هؤلاء الرجال من سلف الأمة الصالح قدوة كافية وزيادة، لمن أراد الاقتداء بهم . من أننا لا ندعي لهم العصمة بل هم كغيرهم يصيبون ويخطئون، ولكن كانت تصرفاتهم ومناهجهم تبعاً لكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ومن معنيهما . أن في طيَات سير هؤلاء العظماء ومنهم عروة بن الزبير – ما يعين على فهم مستجدات الواقع، ومحدثات الحياة من المواقف ومن الأحداث، كما أن فيها ما يعين على فهم الحياة وذلك من خلال إنزال تلك المواقف من السير على الواقع وعلى الحياة المعاصرة . أن في سير هؤلاء العظماء دليل واضح على عظمة هذا الإسلام الخالد، ومدى تأثيره في النفوس، وقدرته عل صنع الرجال. وهذه ميزة تميز بها ديننا الخالد من بين سائر الدعوات ، حيث قدم الفكرة وقدم معهما آلاف النماذج العملية ، على حين اختفت الدعوات الأخرى بالأفكار النظرية ، المهلهلة التي تبعث بها أعاصير النقص ، ورياح الأهواء . أن في سيرة الإمام عروة بن الزبير – رحمه الله تعالى – وغيره من العظماء السابقين والعلماء الصالحين، دليل واضح على أن الإسلام هو الحل الجذري الأصيل ، والدواء العملي المجرّب وهو وحده طريق الخلاص مما تعانيه أمتنا من الضعف والتخلف ، ومن الفوضى والانحلال ، ومن العجز عن إيجاد القادة والمصلحين . كذلك بعد الانتهاء من البحث خرجت بعدد من التوصيات التي من شأنها ــــ بإذن الله ــــ أن تعين على رقي الأمة وعلى نهضتها ،ومن أهم تلك التي استشفيتها من خلال البحث ومحاولة رسم صورة كاملة لحياة هذا الرجل العظيم العلمية والعملية ، والاطلاع على عدد من المؤلفات التي ترجمت له ، كذلك من خلال الاطلاع على تراجم غير ما واحد ممن سُطِّرت سيرهم في تلك الكتب ، انتهيت إلى توصيات يسعف المجال إلى ذكر مايلي منها :
1 ــــ على الباحثين والمؤرخين والمفكرين والمختصين بالتاريخ ، وكذلك دور النشر أن يهتموا بنشر سير العلماء وسلف الأمة وتصنيف المصنفات فيهم ، فهم أولى من ألفت فيهم المؤلفات ، لأني رأيت في ذلك إخلالاً كبيراً وتقصيراً عظيماً ، ومن الأدلة الدالة على ذلك أني لم أجد لعروة بن الزبير سيرة ذاتية وترجمة مستقلة وهو من أكابر سلف هذه الأمة ، سوى رسالة علمية في مكتبة جامعة الإمام منعت من الاستفادة منها ، لعلة السنة الدراسية !! ومن الإخلال في الموازنات أنا نجد اهتماماً بعظماء الغرب وروادهم، وتصنيف المصنفات فيهم على إهمال لقادة الإسلام .
2 ــــ على المهتمين بالتريبة ومن هم في حقول وبيئات تربوية أن يعنوا بإيراد سير أولئك العظماء لمن تحت أيديهم من المتربين، والعناية بتصويرهم كقدوات الأمة والمجتمع.
3 ــــ من الجيِّد الاستفادة من موروثات أولئك العظماء وأن يعتني العلماء وطلبة العلم والمحاضرين بعقد الندوات والمحاضرات والكلمات عن هؤلاء العظماء، سيرهم ومواقفهم واجتهاداتهم وربطها بالواقع والحياة المعاصرة.
4 ــــ على مؤلفي المناهج والمختصين بتأليفها ، أن يسطروا سيرهم في طيِّات المناهج ومن ثم إردافهما – أي سيرهم ومواقفهم وأحداث حياتهم – بالحياة الواقعية والمعاصرة لكي تتم الاستفادة من حياتهم وسيرهم على أتم وجه وأكمله . غير أني بعد هذا كله أنبه على ضرورة الاهتمام بتأليف سيرهم وتسطير تراجمهم ، فإني كما أوضحت وجدت في ذلك اختلالاً في العمل والموازنات فعروة لم أجد له سيرة فهل من مبادر لها ، كما بادر عروة إلى تصنيف مغازي الرسول صلى الله عليه وسلم فأين المبادرون ؟!! . وغيرها من التوصيات التي لم أشأ أن أفردها بنقطة مستقلة ، وأردفتدها في ما سبق من النقاط .
وختاماً
رحم الله عروة بن الزبير ، ورضي الله عنه ، وأعلى في عليين مقامه ، ووفقنا للسير على نهجه وحشرنا في زمرته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً ، فرحمه الله ما أصدق قول الشاعر فيه :
جمال ذي الأرض كانوا في الحياة ، وهم *** بعد الممات جمالُ الكتْبِ والسِّيَرِ
وأسأل الله تعالى أن يتقبل هذا الجهد المتواضع ، وأن يسدد الخطأ ، ويصحح القصد ويصفي النية ويرزقنا الإقتداء بأولئك الذين قال فيهم : (( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده )) .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .والحمد لله رب العالمين .