أخطاء الآباء مع الأبناء
وموقف الفقه المعاصر منها
للأستاذ الدكتور/عبد الكريم عبد الحميد الخلف
مقدمة الباحث :
الحمد لله الذي خلق فسوى ، والذي أهدى وأعطى ، وأبان للعباد منهج التربية والسلوك القويم في كتابه العزيز ، وهدى العالمين إلى مبادئ الخير والهدى والإصلاح في أحكام شريعته السمحاء ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين وبعد .
إن سمات الدين الإسلامي وفضله على البشرية أن جاءها بمنهاج متكامل وشامل ، وجدير في صقل النفوس وتهذيبها ، وتنشئة الأجيال ، وإقامة المجتمعات ، وتكوين الأمم ، وإيجاد الحضارات ، وبناء أعمدت المجد والمدنية ، وكل هذا من أجل تحويل الإنسانية الضائعة إلى الرشد والسداد ، وإنقاذها من ظلمات الشرك والجهالة والضلال والفوضى إلى نور الهداية والعلم لقوله تعالى : (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)(1) . صدق الله العظيم .
ومن هنا نجد أن الإسلام هو المرشد ، والموجه للإنسانية ، وله توجيهاته المتنوعة ، ومن تعاليم الإسلام لأبنائه التربية ، والإصلاح ، والإرشاد ابتداءً بذي القربى ، وانتهاءً بالأبعدين حتى يتم إيجاد الفرد السوي ، وتكوين الأسرة الصالحة ، والمجتمع القوي المتفاعل ، وكل هذا يقع على كاهل رجال الدعوة إلى الله ، وعلى كواهل الآباء والأمهات، وقد أعطى الإسلام للجانب التربوي اهتماماً كبيراً لأن للتربية مدلولات كثيرة ومتنوعة ، ومفاهيم عظيمة ، ومن أهم هذه المدلولات تربية الولد ، والفرد ، والأسرة ، والمجتمع ، وتربية الإنسانية جمعاء ، وتحت هذه المدلولات تندرج أصناف كثيرة ومتنوعة ، ومن هذه الأصناف تتفرع أنواع ، وتندرج تحتها أقسام كلها تصب في هدف واحد ألا وهو إقامة مجتمع قوي مترابط وفاضل ، وما تربية الأولاد إلا جزء من تربية الفرد الذي يسعى الإسلام إلى إعداده وتكوينه ليكون عنصراً نافعاً ، وإنساناً صالحاً في مجتمعه فإن أحسن الآباء تربية الأبناء وقاموا بتوجيههم الوجهة الصحيحة أوجدوا جيلاًً صالحاً متماسكاً مهيئاً لتحمل أعباء المسؤولية وتكاليف الحياة .
وما هذا البحث الذي قمت بإعداده إلا لبيان المنهج المتكامل ، والأسلوب الناجح في تعامل الآباء مع الأبناء ، وكيفية تجنب الأخطاء التي تقع من قبلهم على أولادهم ، ولقد قمت أيضاً ببيان متى وكيف يتعلم الوالدان أن السلوكيات سواء منها الحسنة أو السيئة هي كالمال يتوارثها الأبناء جيلاً بعد جيل ، وقبيلاً بعد قبيل ، وقد تعرضت في هذا البحث لبعض الأخطاء الصادرة من الآباء على الأبناء ، وموقف الفقه المعاصر من ذلك ، وكيفية التعامل مع هذه الأخطاء ، وضرورة الاعتراف بها لأن الاعتراف بالخطأ فضيلة ، وحذرت الآباء من المعاملة الملتوية والقاسية لأبنائهم ، والتي ربما تكون بالضرب والشتم والزجر والازدراء ، والسخرية ، والتهكم ونحو ذلك من المعاملة الرديئة . لأن مثل هذه المعاملة تحدث ردود أفعال سيئة من الأبناء تجاه الآباء كالعصيان والتمرد والهجرات ،وسلوك أساليب ما أنزل الله بها من سلطان ، وقد تم التركيز في هذا البحث على أهمية اعتراف الآباء بأخطائهم مع أبنائهم لأن الاعتراف فضيلة وفيه الخير الكثير ، لذلك بدأت بحثي به وختمته به ، وعلى ضوء ما تقدم قمت بتقسيم هذا البحث إلى أربعة مباحث وهي على النحو الآتي .
المبحث الأول - المراجعة النفسية طبيعة بشرية :
المبحث الثاني - مراجعة المرء نفسه وقفة عادلة :
المبحث الثالث - أهم أخطاء الآباء على الأبناء :
المبحث الرابع – دكتاتورية الآباء وتطبيق قانون الطوارئ على الأبناء :
ملاحظة : البحث نشر في الريض - السعودية -وسوف أرسله لكم عل حلقات إن شاء الله تعالى وإليكم الحلقة الأولى