وقال في جلاء الصدا أن جده أجلسه على ركبته في زمان طفولته وقبله ولم يكن ذلك يعهد منه لأحد ؛ وقال رضي الله عنه : يكون له دولة عظيمة وشأن كبير وشهرة وبعدي تزوره الأسود التي في هذه البقعة .
ولما عظم أمره وعلا صيته وكبر مقامه وخفقت في الخافقين أعلامه وبلغ عمره 48 سنة خرج مهاجرا من العراق إلى زيارة جده سيد الأنام عليه أفضل الصلاة والسلام وفي سنة خروجه رضي الله عنه توفي الخليفة أبو العباس أحمد الناصر لدين الله وتلك سنة 622 هـ فزار النبي المعظم صلى الله عليه وسلم ثم حج واعتمر وجاور بمدينة جده عليه الصلاة والسلام تسع سنين وظهرت على يديه الكرامات .
وبنى رباطا في المدينة بالقرب من سقيفة الرصاص معروفا برباط الرفاعي .
وأخذ عنه الطريقة ابن نميلة الحسيني حاكم المدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام والإمام عبد الكريم محمد الرافعي القزويني صاحب الشرح الكبير على الوجيز والشيخ علم الدين علي بن محمد السنجاري صاحب شرح الشاطبية والشيخ العارف بالله العالم العلامة تاج الدين الأبيدري وغيرهم رضي الله عنهم .
وتلمذ له أناس لا يحصى عددهم فخاف على نفسه من ءافة الشهرة والاشتغال بالخلق عن الخالق فهاجر أيضا بعد الإشارة الباطنية بنشر طريقته العلية إلى اليمن ، وأخذ عنه جماعة كثيرة ينتهي إليهم الشيخ أبو بكر العدني صاحب كتاب النجم الساعي والشيخ أبو شكيل الأنصاري والشريف محمد العلوي والشيخ أبو بكر الضجاعي وغيرهم وبنى فيها الزوايا الكثيرة وخاف على نفسه من ءافة الاشتغال بالخلق عن الخالق فهاجر منها إلى مصر بعد أن مكث في اليمن سبع سنين على الصحيح .
فأقام بمصر في المسجد الحسيني وكانت سنة 638 هـ فأقبل عليه الناس وتلمذ له العلماء والشيوخ وأكابر الرجال والأشراف وحضر مجلسه وحلقة ذكره جمال الدين أبو عمرو بن الحاجب رحمه الله وانتسب إليه خلق كثيرون وبنى له فيها رباطا مباركا في محلة السباع وتزوج بمصر وهاجر منها بعد أن أقام فيها سنتين لا زيادة ، وترك قدس الله سره زوجته حاملاً فولدت له سيدي علي المعروف بأبي الشباك في تلك السنة وتوفيت بعد ولادته ، وبقي رضي الله عنه في بيت أخواله ءال الملك الأفضل وبقي الى أن بلغ حد الرجال وزهد وتصوف وعظم أمره وكبرت شهرته في مصر وأعرض عن الدنيا بالكلية وبني له الرباط المشهور المدفون فيه الآن بمحلة سوق السلاح بالقرب من الرميلة وهو معروف بمصر يزار إلى الآن .
ثم نزل سيدنا الصياد بتلك السنة الشام فأقام بها قليلا ثم رحل إلى حمص فأقام فيها رضي الله عنه ثلاث سنين وبنى فيها رباطا وأخذ عنه رجال أعاظم قدّم عليهم بحمص الشيخ جمال الدين ابن محمد الامير وأبقاه بعده شيخ الرباط بحمص وتتلمذ له رضي الله عنه خلق لا يحصى عددهم وهاجر منها إلى متكين سنة 643هـ وكان فيها شيخ صالح صوفي زاهد الشيخ عبدالرحمن وفي بيته أخته الصالحة الخضراء أم الخير وكانت في غاية الجمال إلا أنها أقعدت من أربع سنين ففي تلك الليلة رأت في المنام رجلاً يقول : " عليك بهذا " وأشار لها إلى رجل أسمر اللون حسن المنظر أسود اللحية طويل القامة خفيف الوجود وسيع الجبهة ؛ ثم قال لها : " هذا صاحب الوقت تمسكي بحبل ولايته ويعافيك الله " .
فلما اصبحت أخبرت أخاها وقالت : بالله عليك تفقد قريتنا علّ أن يقدم عليها اليوم أحد أهل الوقت فإن هذه الإشارة إشارة صادقة. فقام الشيخ عبد الرحمن وتفقد القرية فرأى الشيخ الأجل والقطب الأكمل
يتبع..................في الحلقة الثالثة