الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عمر
- رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسبح على الراحلة
قِبَلَ أي وجه توجه، ويوتر عليها، غير أنه لا يُصلي عليها المكتوبة.
قال النووي في شرح مسلم : وفيه دليل على أن المكتوبة لا تجوز إلى غير القبلة، ولا على الدابة وهذا مجمع عليه؛ إلا في شدة الخوف. ا.هـ.
فصلاة الفريضة لا تجوز على الراحلة في الأصل، لكن قد يعرض لها من الأحوال ما يجوزها.
منها ما ذكره النووي في المجموع وشرح مسلم قال:
ولو حضرت الصلاة المكتوبة، وخاف لو نزل ليصليها على الأرض إلى القبلة
انقطاعاً عن رفقته أو خاف على نفسه أو ماله لم يجز ترك الصلاة وإخراجها عن
وقتها، بل يصليها على الدابة لحرمة الوقت، وتجب الإعادة لأنه عذر نادر.
ا.هـ.
ونقل عن بعضهم أنه لا تجب الإعادة، لأن فعل الفرض يطلب مرة واحدة، وهو الراجح، وإن كانت الإعادة أحوط.
ومنها: حالة الخوف. كما ذكرته آنفاً، ولا يعيدها لما سبق.
ومنها ما ذكره النووي في شرح مسلم قال:
فلو أمكنه استقبال القبلة، والقيام والركوع والسجود على الدابة واقفة -
يعني غير سائرة - عليها هودج، أو نحوه جازت الفريضة على الصحيح من مذهبنا،
فإن كانت سائرة لم تصح على الصحيح المنصوص للشافعي. ا.هـ.
وهذا الذي نرجحه، لأن الدابة المستقرة التي عليها ركاب يمكن الركوع والسجود عليه تشبه الصلاة على الأرض. أما المتحركة فليست مستقرة.
ومنها:
حالة التحام القتال مع العدو الكافر أو غيره، من كل قتال جائز لا يمكن
النزول فيه عن الدابة، فيصلي الفرض على ظهرها إيماءً، وللقبلة إن أمكن ولا
يُعيد.
ومنها: الراكب في خضخاض (قليل) من ماء، لا يطيق النزول فيه أو
خشي تلطخ ثيابه، وخاف خروج الوقت، فإن لم يخف خروج الوقت، أخر الصلاة حتى
يخرج من الماء بدابته، ويصلي في آخر الوقت.
ومنها: مرض الراكب الذي لا يُطيق النزول عن الدابة، فيؤدي الفريضة إيماءً لمرضه، بعد إيقاف الدابة واستقبال القبلة.
وليُعلم أن بعض هذه المسائل فيها خلاف بين العلماء، لكننا ذكرنا لك قولاً واحداً -وهو الراجح عندنا- ليسهُل عليك الأمر.
والله أعلم.